صحافة اليرموك ــ حسن الرحمون
زادت جائحة كورونا من الأوقات التي يقضيها الأفراد في استخدام أجهزتهم الإلكترونية، ولا سيما الأطفال، إذ أدى إغلاق المدارس ضمن الإجراءات المشددة التي اتخذتها الدول، ومنها الأردن، إلى تحول التعليم المدرسي إلى تعليم عن بعد، الأمر الذي زاد من استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية في ظل قصور إدراكهم لمخاطر استخدامها على صحتهم العقلية والنفسية والجسدية، وغياب الرقابة الأسرية عند أغلب العائلات.
وتأثّر أكثر من 1.5 بليون طفل ويافع بإغلاق المدارس في جميع أنحاء العالم، فملايين الأطفال يواجهون مستوى أكبر من خطر التعرّض للأذى، إذ تنتقل أنشطتهم اليومية على نحو مطّرد إلى شبكة الإنترنت أثناء فترة ملازمة المنازل بسبب جائحة كوفيد-19. حسب تقرير نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف" منتصف شهر نيسان الماضي.
أهالي قلقون
عبر نور الدين البطاينة، وهو أب لطفلين، عن قلقه من استمرار الوضع الحالي لمدة طويلة، إذ لاحظ جلوس أطفاله لمدة تزيد عن 9 ساعات يومياً أمام أجهزتهم الإلكترونية ما بين تلقيهم لدروسهم المدرسية، وتصفحهم لمواقع التواصل الاجتماعي.
أما ناديا الزعبي، وهي أم لأربعة أطفال، فقد عبرت عن عجزها في ضبط استخدام أطفالها لهواتفهم، مبينةً أنهم يتحججون عندما تحذرهم من خطر ذلك بأنهم يتابعون دروسهم، ولم تخفي ندمها كأم لأنها كانت السبب في إقناع زوجها بشراء أجهزة إلكترونية لأطفالهم قبل جائحة كورونا.
فيما تقول رنيم الخزاعلة، وهي أم لثلاثة أطفال، إنها لاحظت لأول مرة انعزال أطفالها عن بعضهم البعض في المنزل بعد بداية جائحة كورونا، موضحةً ذلك بقولها "كل واحد منهم أخذ زاوية وماسك جواله بإيده".
وتخشى الخزاعلة أن ينعكس هذا التصرف على سلوكهم مستقبلاً فيؤدي بهم إلى أمراض نفسية تعيقهم عن الاندماج مع الأطفال الآخرين بعد انتهاء الجائحة.
بينما كانت عائشة الشياب، وهي أم لطفل، واعية لمخاطر استخدام الأجهزة الإلكترونية بقولها "لا أسمح لطفلي أن يستخدم الجوال لوحده خوفاً عليه، وأنا أتابع معه دروسه وأأخذ الجوال منه فور انتهاء الدروس".
ومن جهته ماجد شطناوي، وهو أب لفتاتين، فإنه يجد في الأجهزة الإلكترونية وسيلة فعالة لضبط حركة فتاتيه الصغيرتين والتقليل منها خصوصاً بعد توقف الأطفال عن الذهاب إلى المدارس.
أخصائيون يحذرون
يعد تزايد العنف والعدوانية لدى الطفل من الآثار النفسية للاستخدام السلبي وغير الموجه للأجهزة الإلكترونية على المدى البعيد، عدا عن أن هذه الأجهزة تقطع الطفل عن العالم الخارجي فتدخله في حالة من عدم النضج النفسي، و"التوحد الوظيفي" الناتج عن انعزاله عن محيطه الاجتماعي، فلا يكون قادراً على الوصول إلى المستوى المطلوب من الوعي والإدراك في عمر معين. حسب الاستشاري النفسي والتربوي الدكتور موسى المطارنة.
ويحذر المطارنة من أن استخدام الأطفال المفرط للأجهزة الإلكترونية، ولا سيما طلبة المدارس الذين زادت مدة استخدامهم لها بعد جائحة كورونا، يؤدي إلى مشاكل خطيرة كالإدمان الإلكتروني وتشتت الفكر واضطرابات النوم، كما أنه يؤثر على النماء الفكري والذهني للطفل.
ومن جهته، أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي أن بطء التطور الاجتماعي والعاطفي لدى الطفل، وبطء تطور اللغة، وضعف قوة الذاكرة والقدرة على التركيز، وتعريض الطفل للتنمر الإلكتروني بشكل كبير، من الآثار الاجتماعية السلبية لاستخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية لأوقات طويلة.
ومن هنا لا بد للأهل أن يكونوا واعين لمخاطر استخدام أطفالهم للأجهزة الإلكترونية بدون رقابة، إذ يجب عليهم ـ حسب مختصين ـ أن يتحدثوا إلى أطفالهم وأن يشرحوا لهم أضرار استخدام هذه الأجهزة لساعات طويلة، إضافة إلى تحديد وقت قصير لاستخدامها، ووضع قوانيين تحدد طريقة الاستخدام.
رابط المادة على صفحة جريدة صحافة اليرموك